بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
الظلام هو الحالة الأصلية للكون
فالله سبحانه وتعالى، يلفت انتباه الإنسان إلى آياته الكونية، ليذكرهم بقدرته وعظمته. وبتأمل بعض الآيات الكونية، يدرك الإنسان مدى ضآلة
الرئيسية » منهاج المسلم » تحديد المنهج
الدعوة إلى الله تعالى ليست مجرد علم، وحتى هي بالفن، ولكنها فراسة يعرف من خلالها الداعية كيف يؤثر في المدعوين ويعرف كيف يتخول الناس بالموعظة الحسنة كما كان يفعل النبي صلى الله عليه، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَتَخَوَّلُنَا بالمَوْعِظَةِ في الأيَّامِ، كَرَاهيةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا”، فقد كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحسنَ الناسِ تَعليمًا وتربيةً لأصحابِه؛ فكان يُعلِّمُهم بالقولِ والفِعلِ، وقد نقَلَ الصَّحابةُ الكِرامُ هَدْيَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الموعظةِ.وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان مِن شِدَّةِ حِرصِه على انتفاعِ أصحابِه واستفادتِهم مِن وَعْظِه وإرشادِه؛ أنَّه لم يكُنْ يُكثِرُ عليهم مِن ذلك، وإنَّما يَتعهَّدُهم بالمَوعظةِ في بعضِ الأيَّامِ دونَ بعضٍ، ويَتحرَّى الأوقاتَ المناسبةَ، الَّتي هي مَظنَّةُ استعدادِهم النَّفسيِّ لها، وإنَّما كان يَقتصِرُ على الوقتِ المناسبِ خَوفًا على نُفوسِهم مِن الضَّجَرِ والملَلِ، الَّذي يُؤدِّي إلى استثقالِ المَوعظةِ وكَراهتِها ونُفورِها، فلا تَحصُلُ الفائدةُ المَرجوَّةُ.وفي الحديثِ: بيانُ رِفقِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعَظيمِ شَفقتِه بأُمَّتِه؛ ليَأخُذوا الأعمالَ بنَشاطٍ وحِرصٍ عليها، لا عن ضَجَرٍ ومَلَلٍ.
ومن المهم للدعاة أيضا فهم نهج السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسان، خاصة في زمن تزداد فيه الفتن وتشتد فيه الأزمات، مما يجعل الكثيرين يتيهون في الطريق الصحيح. في ظل هذه الظروف، يجب التذكير بأمر الله عز وجل، وبالمنهج الذي رسمه لرسوله صلى الله عليه وسلم ولصحابته الكرام، ومن سار على نهجهم.
الحياة، مهما طالت، هي مجرد ممر للآخرة التي هي خير لمن اتقى، وهي إما طريق إلى الجنة أو النار. المعيار ليس كثرة الأعمال بل صوابها وموافقتها للسنة، كما قال الله تعالى: “لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا”، فحسن العمل هو أن يكون خالصاً وصواباً، والصواب هو ما كان على السنة، لا ما أضافته العقول من البدع والأهواء.
لذلك على الداعية أن يدرك أن الدعوة إلى الله تعالى عبادة لا تضاهيها أي عبادة، ويكفيها أن الله تعالى قال في حق الدعاة” ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا”، لكن شريطة أن تكون على بصيرة، وفقا لقوله تعالى “قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي” وأيضاً: “فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ”.
فالدعوة إلى الله هي الطريق والسبيل الذي لا بد منه، والدعوة إلى الله عبادة عظيمة ذات نفع متعدٍ، لا يقتصر نفعها على الداعية نفسه، بل يتعدى نفعه إلى الآخرين، سواءً في بلده أو خارجه، أو إلى من يسمع دعوته إلى يوم القيامة.
ومن هنا تم تصنيف الدعاة إلى نوعين:
الصنف الأول: يدعو وفق السنة مع مراعاة المستجدات، دون الخروج عن إطار التزام السنة والجماعة.
أما الصنف الثاني: يدعو وفق الأهواء والاجتهادات دون الرجوع إلى العلم، فتتعدد المناهج والطرق، ويظن كل داعٍ أن ما يقوم به هو الصواب.
ومن هنا نرى أنه من الضروري التعرف على معنى المنهج، لأنه من خلاله سوف يتعرف الداعية على الاتجاه الذي سوف يسلكه.
والمنهج: هو الطريق، كما جاء في قوله تعالى: “لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا”،الدعوة وفقا لذلك تحتاج إلى طريق واضح، وقد بيَّن القرآن هذا المنهج في مواضع عديدة. الدعوة الحقة لا تكون على منهج صالح إلا إذا ابتعدت عن الأغراض الدنيوية، وكان أجر الداعية على الله وحده.
الداعية في الأصل إنما يقوم بالدعوة إلى الله حسبة لله تعالى، ليس من أجل أجر يتقاضاه على دعوته؛ لأن ذلك قد يجعله يتأثر برغباتهم أو أهوائهم، فينحرف عن المنهج الصحيح. يقول الله تعالى: “قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ، وأيضاً: “إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ”.
فالله سبحانه وتعالى، يلفت انتباه الإنسان إلى آياته الكونية، ليذكرهم بقدرته وعظمته. وبتأمل بعض الآيات الكونية، يدرك الإنسان مدى ضآلة
ستظل غزوة بدر الكبرى، واحدة من الغزوات العظيمة في أحداثها ومواقفها في التاريخ الإسلامي، وقد أظهر الصحابة في غزوة بدر،
جمع أبو بكر الصديق رضي الله عنه – من المحاسن ما لم يحظَ به صحابي آخر، وإن كان جميع الصحابة